الدراسة المجملة عن كتب علوم الحديث تبين لنا أن مناقشة مبحث النسخ في كتب علوم الحديث قليلة و موجزة جدا بالنسبة إلى مناقشته في كتب علوم القرآن و كتب أصول الفقه. قد شهد على ذلك قول ابن كثير في كتابه اختصار علوم الحديث: وهذا الفنّ [ معرفة ناسخ الحديث و منسوخه] ليس من خصائص هذا الكتاب بل هو بأصول الفقه أشبه. وكذا قول يوسف القرضاوي يؤيد هذه الحقيقة "أن دعوى النسخ في الحديث أضيق مساحة من دعوى النسخ في القرآن. مع أن الأمركان يجب أن يكون بالعكس، إذ الأصل في القرأن أن يكون للعموم والخلود، أما السنة فمنها ما يعالج قضايا جزئية أو أحوال مؤقة، بحكم إمامته صلى الله علييه وسلم لألمة، وتدبيره لأمورها اليومية " فقد يكون من الأحاديث ما يراد به العزيمة، ومنها ما يراد به الرخصة. وقد يكون بعض الأحاديث مقيدا بحالة، وبعضها الأخر مقيدا بحالة أخرى حتى تبدو كأن الأحاديث متناقضة بعضها ببعض. وتلك الأحاديث المتناقضة في عرف علوم الحديث تسمى بالأحاديث المختلفة. وقد أفردها العلماء في البحث في علم مختلف الحديث. كان علماء علوم القرآن في مواجهة تعارض النصوص الدينية يقدمون الجمع والتوفيق بين تلك النصوص من النسخ. وأما علماء علوم الحديث يقدمون الجمع ثم الترجيح ثم النسخ ثم التوقف. فنسخ الحديث إذا عملية في معالجة الأحاديث المتعارضة بعد مناظرة عدم الإمكان في التوفيق بين الأحاديث وبعد مناظرة عدم الإمكان في ترجيحها. لذالك عرّف العلماء علم ناسخ الحديث و منسوخه : العلم الذي يبحث عن الأحاديث المتعارضة التي لا يمكن التوفيق بينها من حيث الحكم على بعضها بأنه ناسخ، وعلى بعضها الأخربأنه منسوخ.
Copyrights © 2016